دردشة تطيح بمسؤولين كبار في إدارة ترمب- ووترجيت جديدة؟
المؤلف: طلال صالح بنان09.28.2025

تواجه إدارة الرئيس ترمب منعطفاً سياسياً حرجاً، يهدد بإزاحة عدد كبير من الوزراء وكبار المسؤولين البارزين في الإدارة. هذه الأزمة المتفاقمة تضاهي، إلى حد بعيد، فضيحة ووترغيت التي أطاحت بالرئيس ريتشار نيكسون في الثامن من أغسطس عام 1974.
هناك أوجه تشابه جمة بين الأزمتين، ومستقبل الرئيس ترمب معلق بمدى براعته في التعامل مع هذه القضية الشائكة. استهل الرئيس ترمب تعامله مع الأزمة بإنكار علمه بمجريات تلك المحادثات المثيرة للجدل، التي دارت بين كبار مساعديه. كما سعى إلى التقليل من أهميتها، وتركيز اهتمامه على كيفية تمكن الصحفي الذي كشف القضية من اختراق المجموعة السرية على تطبيق الدردشة المشفر (Signal)، معربًا عن أمله في عدم تكرار ذلك.
ويبدو أن الرئيس ترمب كان جاهلاً بوجود هذه المجموعة، وما إذا كانت مجرد وسيلة للدردشة وتبادل الآراء بشكل عفوي، أم أنها أداة للتواصل والتنسيق بين أعضاء الفريق الحكومي لتبادل المعلومات حول قضية مشتركة. صرح وزير الدفاع (بيتي هيكست)، مؤكدًا أن ما ورد في الدردشة لا يرقى إلى مستوى مناقشة خطة حرب، وبذلك ربما يكون قد زاد الطين بلة، كما يقال "جاء ليكحلها فأعماها".
ليس من المستغرب أن تستغل الصحافة والمعارضة هذه الفرصة السانحة لشن هجوم مضاد على الرئيس ترمب وإدارته، زاعمين أن أعضاء إدارته يفتقرون إلى الخبرة السياسية المحترفة، وأن ولاءهم المطلق للرئيس يطغى على خدمتهم للولايات المتحدة واحترام الدستور والحرص على الأمن القومي للبلاد.
من وجهة نظر الصحافة، اليسارية على وجه الخصوص، التي يصفها الرئيس ترمب وحلفاؤه بأنها صحافة مزيفة وغير مهنية وغير جديرة بالثقة، فإن هدفها الوحيد هو مهاجمة الرئيس وإدارته لتقويض برنامجه الطموح لاستعادة عظمة وهيبة الولايات المتحدة. أما المعارضة، فقد وجدت في هذه الأزمة مادة دسمة لتغذية حملتها المستمرة للنيل من أجندة الرئيس الداخلية والخارجية.
يحاول المتورطون في هذه الدردشة الخطيرة، خصوصًا أولئك الذين يشغلون مناصب رفيعة في الإدارة ولهم علاقة بالسياسة الخارجية وقضايا الأمن القومي، التقليل من أهمية المعلومات التي تم تبادلها، مؤكدين أنها لا تتضمن مناقشة خطة حرب، ولا تحتوي على أي أسرار أمنية أو سياسية قد يستغلها العدو، ولا تصل إلى حد انتهاك قانون التجسس أو تهديد أرواح أفراد القوة العسكرية المشتركة في الحملة العسكرية على اليمن.
أدت خطورة هذه الدردشة إلى استدعاء رموز الأزمة على وجه السرعة إلى جلسة استماع في الكونجرس، حيث كشفت هذه الجلسة عن مدى قلة كفاءة بعض الشخصيات الهامة في إدارة الرئيس ترمب، وأن اختيارهم يجسد نظامًا كلاسيكيًا يعتمد على الثقة بدلًا من الجدارة والكفاءة. تجنب المتورطون في الأزمة الإجابة المباشرة على العديد من الأسئلة التي طرحها أعضاء الكونجرس، وغالبًا ما كانوا يتلعثمون أو يتحاورون حول مواضيع لا علاقة لها بصلب الموضوع، مما ترك انطباعًا سلبيًا للغاية خلال جلسات الاستجواب.
محور النقاش يدور حول ما إذا كانت هذه الدردشة، التي لم تعد سرية بين المشاركين فيها، بل أصبحت قضية رأي عام يعرفها الشعب الأمريكي والعالم أجمع، تتضمن مناقشة خطة حرب تخضع لقوانين فيدرالية تنظم سلوك رموز السلطة التنفيذية. هذا الأمر أدى إلى رفع القضية أمام قاضٍ فيدرالي للبت في ما إذا كان هناك انتهاك للقانون والدستور، أو أن الأمر لا يعدو تبادل معلومات وتحديثها بين فريق حكومي متجانس مهمته متابعة حملة عسكرية، دون الإدلاء بمعلومات خطيرة قد تضر أو تعرض للخطر أرواح الجنود الأمريكيين، أو يستغلها العدو.
من جانبها، تتساءل المعارضة: إذا لم يكن مناقشة "تكتيكات" الحملة العسكرية على اليمن، وتوقيت إقلاع وهبوط الطائرات من حاملة الطائرات بدقة، وأنواع الذخائر المستخدمة والأهداف التي يتم قصفها، والفرق بين استخدام الطائرات الحربية والطائرات بدون طيار وصواريخ كروز، جزءًا من خطة حرب، فما هي خطط الحرب إذًا؟
يجد الرئيس ترمب وإدارته أنفسهم في موقف حرج للغاية، ومن المرجح أن تسفر هذه الأزمة عن الإطاحة بشخصيات بارزة في الإدارة.
هذه الدردشة (الأزمة) تمثل نسخة جديدة من فضيحة ووترغيت، التي أطاحت بالرئيس ريتشارد نيكسون قبل خمسين عامًا.